مشاركة:

المقالات


image not found

الإسلام لايعرف إلاالحب والوئام

محمد عناية الله أسد سبحاني

(نص كلمة ألقيت في مؤتمر الجماعة الإسلامية، بولاية كيرلا-الهند. وكان المؤتمر يدور حول موضوع :

"أهمية وحدة المسلمين وتضامنهم")

                                                       

الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وأصحابه الغر الميامين. وبعد:                                                                   

فيا إخوتي في الإسلام! السلام عليكم ورحمةالله وبركاته، أشكرالله أنه جمعني وإياكم في هذا الحفل الكريم، وأتاح لي هذه الفرصة السعيدة حتى أقوم بافتتاح هذه الجلسة الثانية لمؤتمر الجماعة الإسلامية بكيرالا، وحتى أتحدث إليكم في أمور تهمّني وتهمّكم، وحتى أنقل إليكم تلك الحرقة التي أجدها في قلبي فإنها تكاد تحرق نفسي إن لم أتنفس بها.

الشئ الذي يهمّني ويهمّكم ويشغل بالنا جميعاً يا إخوة الإسلام، هو أن المسلمين يمرّون منذ أحقاب طويلة، وخاصة منذ سنوات أخيرة، بظروف قاسية رهيبة، يمرّون بأيام لا توارى كواكبها، يمرّون بأيام تدمي القلوب وتفتّت الأكباد، بل قولوا ولاحرج؛ إن أمتنا الإسلامية في رقعتها الواسعة تمر بأحوال تكاد تجعل الولدان شيباً ‍.

ولكن ما الذي أفضى بنا إلى هذه الحالة السيئة يا إخوة الإسلام؟

نحن –عادةً- نلوم أعداءنا ونشكو ظلمهم وعدوانهم، ونشكو قسوتهم وشراستهم، ولكن لماذا نلوم ونشكو أعداءنا يا إخوة الإسلام؟ وهل كنا ننتظر من أعدائنا غير ما فعلوا ويفعلون بنا؟ وماذا يفعل الأعداء إن لم يفعلوا ما يفعلون؟

اسمحوا لي أن أقول يا إخوة الإسلام! إن الشئ الذي أوقعنا في هذا البلاء، وأوقعنا في هذه المحن هو- في الواقع- أننا نسينا سرّ قوتنا وعزّنا. وما هوذلك السرّ يا إخوة الإسلام؟ هي تلك الأخوة الإيمانية الصادقة التي لاتعرف الأبيض ولا الأسود، ولاتعرف القاصي ولا الداني، ولاتعرف العرب ولا العجم، والتي تحمل للمسلمين جميعاً حرارة المودة والنصيحة.

     إي والله! تلك الأخوة الإيمانية الصادقة هي سرّ قوتنا وعزّنا، وسرّ عظمتنا وشوكتنا .

 فنحن نسينا هذا السر الغالي، وتنكرنا لإخواننا وأبناء جلدتنا، وضيّعنا قوتنا ومناعتنا بالحروب

 الأهلية والخلافات الداخلية فيما بيننا، وبذلك هان أمرنا، وذهبت شوكتنا‍.

إن هذه الأمة التي كانت في يوم من الأيام كالبنيان المرصوص، كانت كما وصفها القرآن: (وكنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً) وكانت كما أثنى عليها ربها: (يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)

إن هذه الأمة التي كان يملؤها الحب والإخاء، وكانت نموذجاً رائعاً للإيثار والتناصح، وكانت مثالاً فريداً للتعاطف والتماسك، وبذلك كان لها وزنها وثقلها، وكانت لها مهابتها في عيون أعدائها،‍‍ هذه الأمة خلعت تلك الصفات، وتخلّت عن تلك القيم- قيم الحب والمودة، وقيم النصيحة والإخاء- وياليتها ماخلعت وماتخلّت! نعم، إنها خلعتها وتخلت عنها، واستبدلت بها الأثرة والشحناء، والعداوة والبغضاء، ووقعت في خصومات لا مبررلها، وغرقت في خلافات لا نهاية لها .

لماذا ؟ لماذا ؟ يا إخوة الإسلام !

لماذا استبدلنا بتلك الأخوة الإيمانية الرفيعة، ولماذا استبدلنا بتلك المودة القدسية المباركة، العداوة والبغضاء؟ قاتلها الله! فهي التي مزّقت وحدتنا، وأوهنت قوتنا، وأهدرت كرامتنا، وألقتنا في حضيض من الذلّ والهوان!

وأيّ هوان بعد هذا الهوان يا إخوة الإسلام! أن يمسك نواصينا، ويمتلك أراضينا قوم سماهم ربنا في كتابه "القردة والخنازير" فهؤلاء القردة والخنازير يتحكمون علينا، ويدوسون كرامتنا بأقدامهم الملعونة !

ثم أيّ ذل بعد هذا الذلّ يا إخوة الإسلام؟ أن تسقط دولة من دول المسلمين في أيدي أعداء الله، والمسلمون حولها يضحكون ويشمتون، و يشجعون العدو، ويستمتعون بهذه الأحداث التي تهزّ كيان الأمة!

وإذا كانت هناك فئة أو فئات من المسلمين الغيارى يستنكرون هذا الظلم البشع بدافع الأخوة الإسلامية، فهم يسجنون ويضربون ويعدمون بأيدي حكامهم المسلمين، والله أعلم بإسلامهم! إن هذه الفرقة والعداوة بين إخواننا هي التي نزعت عنا الكرامة وجلّلتنا الخزي والهوان يا إخوة الإسلام!

إضافة إلى ذلك أن تلك العداوة والفرقة تتنافى مع روح الإيمان، ولا لقاء بينها و بين الإيمان، و لهذا حذّرنا الله منها مراراً و تكراراً، وحذّرنا منها أشد تحذير:

  ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا من بعد ماجاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)

فإذا كانت هذه الفرقة والعداوة تتنافى مع روح الإ يمان ،وهي تقود صاحبها إلى عذاب النيران، فما فائدة هذا الإيمان؟ يا إخوة الإسلام! أليس هو ذلك الإيمان الذي قال عنه ربنا:

(قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين )

فهل تبلغ منا السفاهة والغفلة يا إخوة الإسلام! إلى أن نجمع على أنفسنا خزي الدنيا والآخرة والعياذ بالله!

  فكونوا مؤمنين متحابّين بروح الله، وانبذوا تلك الخلافات.

 انبذوا تلك الخلافات التي طالما شقينا بها، فهي صدّعت قلوبنا، وبلبلت صفوفنا، حتى أبغضنا إخواننا، ولبسنا لهم جلد النمر!

 وهناك أمور ينبغي أن نضعها في الاعتبار، فهي تساعدنا في نبذ تلك الخلافات- إذاأردنا-و تدعونا إلى أن نفتح صدورنا لإخواننا جميعاً على أساس الأخوة الإسلامية، وتدفعنا إلى أن نبذل لهم المودة والنصيحة، كماأمرنا به ربنا.

نحن، معشرالمسلمين، لا يوجد بيننا خلاف في أصول الإسلام، و أركان الإسلام؛ فربنا واحد، وقرآننا واحد، و نبينا، ورسولنا، وقائدنا واحد، و هدفنا واحد، وهو ابتغاء مرضاة الله، و بغيتنا واحدة، وهي الجنة، وطموحاتنا واحدة، وهي إظهار دين الله، وإعلاء كلمة الله، وتطبيق شرع الله، و قبلتنا واحدة، وهي الكعبة المشرفة، حرسها الله وحماها من كيد الأعداء، ووجهتنا واحدة، وهي استباق الخيرات (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات)

ثم كلنا نصلي ونصوم، وكلنا نحرص على أداء الزكاة وحج بيت الله.

فنحن متفقون في هذه الأمور كلها، والحمدلله، وليس هناك أيّ خلاف في هذه الأمور، وإذا كان بيننا خلاف، فهوخلاف في شيئ يسير من قضايا فرعية، و أمور اجتهادية.

فهل من المعقول، يامعشرالمسلمين! أن تطغى القضايا الفرعيّة على الأمور الأساسية؟

وهل من المعقول أن تُنسى الأمور التي تجمعنا، وتدعونا إلى الاجتماع وتوحيد الكلمة؟ وتُذكر تلك الأمور التي اختلفت فيها وجهات النظر، وهي لا تتنافى مع وحدة الكلمة، فهي تُضخّم وتُفخّم حتى يتفاقم الأمر، وحتى يظن من لا يعلم، أنها هي الأصل، وهي الأساس؟

كلا! كلا! يا إخوة الإسلام! فهذا موقف لا يقرّه العقل، ولا يقرّه القرآن. و إنما الموقف الصحيح -إذا كان الأمر هكذا- أن نتبادل الحب فيما بيننا، ونتعاون فيما اتفقنا، وهو كثير وكثير، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا، وهو قليل يسير.

واعلموا يا إخوة الإسلام! أنه إذا كان الخلاف في الرأي مع صحة الإيمان وصفاء النفس وحسن الصلة بالله فإنه لا يفسد للودّ قضية، حتى ولو جرى بين الطرفين حوار ساخن وكلام شديد.

ولنا العبرة فيما جرى بين سيدنا أبي بكر وعمرحينما قرر أبوبكررضي الله عنه القتال مع الذين منعوا الزكاة بعد وفاة رسول الله ﷺ، وكان الموقف شديداً، والظروف كانت تنذر بالخطر، فأراد سيدنا عمررضي الله عنه أن يثني سيدنا أبا بكررضي الله عنه من عزمه على القتال، و أراد أن يحمله على المجاملة و الملاينة معهم، نظراً إلى خطورة الموقف، فغضب أبوبكررضي الله عنه، و ثار عليه، وأخذ بلحيته وصاح به في جلال الإيمان: "رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك! أجبّار في الجاهلية وخوّار في الإسلام ؟! "

فعل ذلك أبوبكر بعمر، والناس ينظرون إليه! وعمر هو عمر، رجل ذومكانة وقوة وبأس شديد!

نعم، يا إخوة الإسلام ! حدث ذلك كله، ولكنه لم يفسد للود قضية، لأن كلا الشخصين كانا قمّة شامخة في الإيمان، وصفاء النية وحسن الصلة بالله!

 ليس فقط أنه لم يفسد للودّ قضية، بل زاد ذلك عمررضي الله عنه حباً و إكباراً لأبي بكررضي الله عنه، فقد رُوي أنه لما عادت كتائب المجاهدين ظافرة منتصرة، وقد قمعوا الفتنة، و أرغموا المانعين على أداء الزكاة أهوى عمررضي الله عنه بفمه إلى رأس أبي بكررضي الله عنه يقبّله، ويقبّله أمام الناس، ويقول: "لولا أنت ياخليفة رسول اللهﷺ لهلكنا جميعاً!" و يكرّر هذا القول.                               

هكذا يا إخوة الإسلام! تأتي أحوال يجري فيها حوار ساخن بين رجلين مؤمنين أو بين فريقين من المؤمنين، وهذا لا يؤثر على صفاء العلاقات، ولايورث الحزازات؛ فإن الإيمان إذاكان حيّاً قوياً واعياً، يعالج مثل هذه المواقف بسهولة، ويعيد إلى النفوس نزاهتها و مودتها.

 نحن الآن بحاجة ماسّة إلى أن ندرك ذلك. فالاختلاف في الرأي، ولوكان في جو من السخونة والغضب، لايبرر أبداً التقاطع والتدابر والتباغض بين المسلمين.

 وإذا كان الدافع إلى الاختلاف هو الإيمان، فالإيمان لابد أن يجمع القلوب، ويغسل عنها ماعلق بها من غَبَر وغُبار، وإذا لم تجتمع القلوب فاعلم أن الإيمان قد آذن بالرحيل، فإن الإيمان لا يمكث أبداً في قلوب تملؤها عداوة المسلمين!

  علماً بأن السخونة والغلظة ليست هي الأصل في الحوار، وإنما الأصل في الحوار هو الهدوء والوقار، وطيب الكلام وعذوبة اللسان، والإقناع بالحجة والبيان. والسخونة والغلظة في الكلام ليست من شأن المؤمنين، ولا تجمل بهم إلا في حالات خاصة وأمور خاصة، ولا تأتي إلا بحكم ظروف غير عادية، كالتي كانت لأبي بكررضي الله عنه.

 وهناك أمر مهمّ لا بد أن ننتبه له، وهو أن كثيراً من الخلافات القائمة بين المسلمين متوارَثة ورثها جيل عن جيل، بدون وعي وفهم، فهم اختلفوا فيما بينهم واختصموا، ولم يعرفوا لماذا اختلفوا، ولماذا اختصموا!

وهذا ليس في مصلحة أيّ شعب من شعوب المسلمين. الخلافات التي تكدر صفو العلاقات، والتي

تبدّد المسلمين إلى فرق وأحزاب وجماعات، لاتستحق أبداً أن تُنقل من جيل إلى جيل، فإن الأصل في الإسلام هو الحب والوئام، دون الغل والحقد وقطع الأرحام.

وإذا كانت خلافات حادة صاخبة قد حدثت في تأريخنا -القريب أو البعيد- بين أسلافنا، فلهم عذرهم، وعندهم حجتهم، وليس من المعقول أبداً أن نعيش تلك الخلافات، ونجترّها اليوم، وقد مضى عصرها، ومضت أسبابها.

وإذا لم يتمكن سلفنا من التخلص منها في عصورهم، فنحن أحرى بأن نتخلص منها اليوم، و نتخلص من أضرارها وويلا تها!

وكل إنسان مسؤل أمام ربه عن نفسه، دون غيره، فلينظر ماذا قدم لغد؟ ولينظر الذي يقدمه، يرضي ربه، أم يسخطه؟ و ينفعه عنده أم يهلكه؟

إن إحياء تلك الخلافات، بدون نظر في عواقبها، وإيقاد نيرانها بدون تحسّب لنتائجها ليس من مصلحة هذه الأمة، الأمة الجريحة البائسة المنكوبة! التي تنتظر وتنتظر من يأسو جراحها و يلمّ شعثها، و يذهب عنها أسقامها، ويعيد إليها صحتها وكرامتها.

إن دراسة التاريخ لا تكون إلا للاعتبار بوقائعه وأحداثه، ولا تكون إلا للاستفادة من خبرات و تجارب وآراء السلف، فلا يؤخذ منه إلا ماكان مفيداً، نافعاً، صالحاً، وكان دافعاً للأمة إلى الأمام وإذا كانت هناك أخطاء وهَنات، أو أحداث لم تكن لها آثار إيجابية، فهي بالنسيان أجدر، و بالاجتناب أولى. وليس من المصلحة أبداً إحياؤها واتباعها، والإصرارعليها.

وكل أحد يؤخذ من فعله، و قوله، ويترك إلا المعصومﷺ، وكل ما جاء عن السلف موافقاً للكتاب والسنة، فهو على الرأس والعين، وإن كان الأمر على العكس، فكتاب الله وسنة رسولهﷺ أولى بالا تباع.

والخلافات التي توجد بين جماعات المسلمين، يمكن التخلص منها، أوعلى الأقل يمكن التخلص من ويلاتها وأضرارها، بدراستها دراسة جادة واعية، ومناقشتها في ندوات علمية مع علماء الجماعات الأخرى، مناقشة موضوعية هادئة  في جوّ علميّ أخوي كريم.

ولا مجال هنا للتنابز بالألقاب، أو للإساءة والتجريح، أو للتهجّم والتعدي على الآخرين، فكله في الإسلام حرام، والمسلم أخو المسلم،لايسلمه ولا يظلمه.

ولنتذكر دائماً وصية رسولنا الحبيب العظيمﷺ التي وصانا بها قبل أن يفارق هذه الدنيا، وكان مما قال:

"ياأيها الناس! اسمعوا مني تعيشوا، قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي،كتاب الله وسنتي" وقالﷺ: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم،كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". وقد وصانا قبل ذلك ربنا في كتابه العزيز:(واعتصموا بحبل الله جميعاًولاتفرقوا) و ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون). فما لنا ننسى هذه الوصايا الواضحة من ربنا، ومن رسولناﷺ، ثم نبيّت لإخواننا، وأبناء جلدتنا؟

ومالنا نتبادل التهم والشتائم فيما بيننا،كما تتبادل الكرة أرجلُ اللاعبين في ملاعب كرة القدم؟ اللهمّ ألف بين قلوبنا، واجمعنا على قرآننا، وخذ بأيدينا يا ربنا إلى ما يرضيك عنا.

أنشدكم الله، يا إخوة الإسلام! إلانبذتم العصبيات البغيضة؛ فهي مُنتنة، كما وصفها نبيناﷺ ونبذتم الخلافات العقيمة؛ فهي موبقة، ورجعتم إلى كلمة سواء، ومحجة بيضاء من الحب والمودة في الله؛ فهي المنجية.

اكسروا تلك الحواجز التي حالت بينكم وبين إخوانكم، وأبيدوا تلك الخلافات، التي ملأت مناهج التعليم، والكتب المدرسية، ثم ملأت نفوس الطلاب والشباب، حتى رسخت العداوة في صدورهم لإخوانهم!

أنشؤوا أبناءكم على عواطف النصح والمودة للمسلمين، وعلموا تلاميذكم فضيلة الحب في الله، فالمتحابون في الله في ظل الله، يوم لا ظل إلا ظله. وهم على منابر من نور يوم القيامة، ويا له من فوز! ويا لها من جائزة كر يمة!

وإذا خلصت النية، وصدقت العزيمة، فالمنزل ليس ببعيد يا إخوة الإسلام! و قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن، فإذا رأى منا الصدق والإخلاص، فلا عجب أن يؤلف بين قلوبنا، ويجمعنا جميعاً على كلمة الإسلام إخواناً متحابين.

إذا استطاع الإسلام يا إخوة الإسلام! أن يجمع الأوس والخزرج في ظله في عهد النبيﷺ، واستطاع أن يؤلف بين قلوبهم بعد عداوة طويلة، وحروب ضارية طاحنة، استمرت إلى سنين، فلماذا لا يجمعنا اليوم، إذاأردنا؟ ولماذا لا يؤلف بين قلوبنا، إذا أحببنا؟

واعلموا أن أعداء الإسلام لن يحبوا أبدا أن نجتمع على كلمة الإسلام، فهم يرون فيه الخطر كلّ الخطر، وهم يفعلون كل ما يستطيعون حتى يفسدوا علينا الأمر، ويبذلون كل ما يملكون،حتى يمزّقونا، ويهزّوا كياننا أكثر فأكثر، فاحذروا يا إخوة الإسلام! من أعدائكم كل الحذر، ولا تدَعوهم ينجحوا في مخططاتهم الخبيثة ضدّ الإسلام، وقد نجحوا فيها إلى حدٍ ما، على غفلة منا، فإنهم إذا نجحوا فيما أرادوا، وما خططوا، فهو خزي الدنيا والآخرة، نسأل الله العافية،  اللهم اجمعنا على طاعتك، وقوّنا على إعلاء كلمتك، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم . وصلى الله على سيدنا محمد و على آله وأصحابه أجمعين .